سمير جنكات

**انتظر سمير جنكات المولود يوم( 4- 9- 1949  ) ثمانية عشر عاما بالتمام والكمال قبل ان يولد كاتب هذه السطور (4-9-1967) ليكتب عن الشخصية التي لعبت (السيجارة) دور البطل في مسرحية حياته ، فتوجته بتاج إمارة الصحافة الرياضية بجريدة الرأي.
**كان يظن نفسه لاعبا مميزا بكرة القدم والسلة التي تدرج في ممارستها بمدارس (العبدلية – عمان الاعدادية – وكلية الحسين) والنادي الأهلي الوحيد انذاك الذي يهتم بالناشئين حيث فكر المرحوم نظمي السعيد ومحمد خير مامسر بتدريبهم بعدما كان اللاعبون الأكبر سنا يدربون ما دونهم من عمر!وجاءت اللحظة الحاسمة التي منعته من أن يكون لاعبا بشهرة من زاملهم ممن نجوم كبرت أسماؤهم فيما بعد كفاروق باكير ومشهور عز الدين ومحمد نور ووليد مولا من نجوم كرة القدم وسيد شقم وفيصل ملحس وسميح اديب بكرة السلة …تلك اللحظة رسمتها (سيجارة)عشقها سمير اللاعب وقدم لها فروض الولاء والطاعة ، فصارت أنيس وخياره الأول على كرة القدم.
** أحب استاذه نظمي السعيد ان يؤنبه على عدم تركها بإجلاسه على كرسي الاحتياط..ولهذا لم تطب نفسه الأمر فانحرم هو وربما النادي الأهلي في بداية الستينيات من بروز نجم أحب اللعب بخط الهجوم لأنه يستعجل النهايات بشكل عام ولا يحب إضاعة الوقت.
**لكنه وان حرم الأهلي من موهبته الكروية فقد أسعد قلوب معجبيه ممن يروق لهم رقة كلامه وعذوبة عباراته وبلاغة عناوينه حين لعبت صدفة أخرى في تغيير مساره نحو (السلطة الرابعة)!
**كان ذلك بعدما عاد من الشام محملا بشهادة البكالوريس في التجارة من جامعة دمشق(68-72) وبعدما عمل في تدقيق الحسابات لثلاث سنوات ، وتحديدا عندما تبارى الفيصلي وفريق الجيش السوري وديا عام 75 ليخسر العفاريت الزرق 3-4 مما جعل نجمهم مصطفى العدوان يقول بين الشوطين ان اعتماد فريقه على مجموعة من الناشئين لم يجعل النتيجة في صالح فريقه، مما أثار سميرا الذي كتب لبريد جريدة الرأي مصوبا معلومة مغالطة صدقها ان الفيصلي أشرك عدة للاعبين من ناديي الحسين والأهلي بالذات .
**تلك الرسالة المكتوبة بطريقة مهذبة وباسلوب مميز أدخلته قلب استاذه نظمي السعيدالذي سبق وان جرب تلميذه في عملية (تبييض) كتاباته حيث كان يلجأ اليه لردائة خطه ليكتبها سمير بخطه الجميل ومن هنا نشات خطوط القصة التي أدت الذروة فيها لباب الصحافة .
**كما تزاملا في السير على الاقدام نحو جريدة (عمان المساء) التي كان يعمل بها استاذه تزاملا في المشوار الصعب الذي لا يحب ان يورثه سمير لابنائه (نانسي 77،ميس 82، أحمد 83،اسامة88) حيث السهر والأرق والتفكير والجهد الكبير.
**كادت الخطوة الاولى أن تكون الأخيرة في الصحافة بعدما تم إغلاق صحيفة ( الاخبار) بعد 40يوما من صدورها لنشرها (قبلة صهيونية على دينار أردني) التي كان قد اقنعه بالانضمام اليها نظمي السعيد بعدما أعلنوا عن طلبهم لمحررين رياضيين بعدما علم بما لديه من رؤية نقدية وروية في سرد الأحداث .
**إغلاق (الاخبار) زامنه (فتح) جريدة صوت الشعب عام 76التي انضم اليها متحزبا مع نظمي السعيد وجريس عويس في اليوم الذي كان يصدره ثلاثتهم مقابل محمد جميل عبد القادر ومن معه ، وتلك النادرة بحاجة لتعليل!
** فاعجاب ادارة الصحيفة واصحابها بمحمد جميل ونظمي السعيد جعلهم راغبين في جمعهما سويا وعدم التفريط باي منهما تحت لواء واحد فيما كانت لدى كل منهما رغبة جامحة في ان لا ينظم أحدهما تحت قيادة الأخر..ولهذا كان كل منهما مع رجاله يحررون الصفحات يوما ويعطلون الأخر!
هذا الوضع شجع سمير على اقناع نظمي السعيد بالرحيل لجريدة الراي التي تخرف السعيد من العودة اليها بعدما تركها عام 71اثر مقالة كتبها ضد أحد المسؤلين بمديرية رعاية الشباب.
**وكانت كلمة (استاذ) التي انطلقت من فم رئيس التحرير سليمان عرار وهو (يتأبط) سيجارة من باكيت فلادلفيا وينكت فيها على الطاولة مفعول السحر على (الاستاذ سمير) فقد جعلته يمضي الساعات تلو مثيلتها لاقناع نظمي في أحد مطاعم الشميساني بالعمل في الراي ، وهذا ما كان يوم (26-4-76) واصبح فيما بعد ذلك التاريخ (رأينا الرياضي ) لنظمي ورميات لعويس وتحت المجهر ومثيلاتها لسمير الذي اصبح سميرا لمن لا سمير له في عالم الصحافة الرياضية المحلية حتى حفرت عناوينه البارزة في ذاكرة معجبيه وأبرزها(لفة ماجلان) و(الفيصلي يحلق حيث تجرؤ النسور) المقتبسة من إسم فيلم أجنبي من بطولة كلينت ايستوود والتي تؤكد الثقافة العالية التي تتجسد بين سطوره وكلماته.
**إعجاب سمير بطريقة( الري بالتننقيط) الزراعية جعله يقدم كل مايريده من نقد ومعلومات بالتنقيط بعدما اتخذ لنفسه منهاجا جديدا يجمع بين تحليل المباريات للمواطن العادي لاطلاعه على كل ما يجري وللمدرب وما يحتاجه من فنيات.
**وحبه للمطالعه وقراءته للقران الكريم واعجابه ببلاغته ومعانيه ساعدته على الكتابة بفنيات عالية أما اعجابه بالكتاب الامريكي الذي يضعه في درج مكتبه منذ وصل اليه عام 1996حول (اخلاقيات الصحافة) فجعله يترك العمل في اتحادات 0المبارزة، الملاكمة ، الطائرة، السلة وغيرها) ليبقى على الحياد ويستثنى من ذلك عمله باتحاد السلة مرغما لشهور!!
**انحيازة لصحيفته الام والمسؤلية التي خلقتها خلافته لكرسي نظمي السعيد برئاسة القسم الر ياضي فيها جعله لا يستكمل العمل بمراسلة صحيفة الحياة اللندنية ، فيما جاء تركه للعمل باذاعة مونت كارلو لاحساسه بالانتماء أكثر للقلم منه للمايكروفون..!
سيد الكلمات
فتح سمير جنكات صفحة جديدة في “ستايل” الكتابة الصحفية الرياضية فبات “حدثا”  يجدر التأريخ لما سبقة ومن تلاه كحقبة ، لا أقول ذلك من باب المبالغة او التحيز أو حتى الحب والتقدير وكلها تليق بكاتب ساد الكلمة فامتلكها وطوعها حروفا تنسال كقطرات ندى على ثغر ظامىء عطش،  بل اكتب بعد اطلاع وغوص في مجاهل “كل” كلمة وجملة كتبت على صدر صفحات الرياضة في الصحف المحلية ، بداية من مجلة “الاردن الجديد” التي كانت تصدر في الخمسينات وما قبلها وبعدها بقليل حيث كانت الكتابة والتاريخ شحيحا نادرا “ككم ” وحرا ديمقراطيا ناقدا كمضمون،، مع عدم دقة وتحديد لتوقيت المباريات ومسجلي الاهداف وقد استمر ذلك حتى توسطت مرحلة السبعينات وتمكنت.
فكنت تشعر برغبة كبيرة في الانتحار او على الأقل التقيؤ حين تقرا عن مباريات كاملة فلا تجد غير صفة مسجل الاهداف” أي قلب هجوم او دفاع او اشارة الى براعة الحارس والمساعدة من الجناح ، اي جناح ، جناح دجاجة ام طائرة ، لا تعرف ، وتتخيل ان كاتب السطور في الدستور مثلا كان يكتب لنفسه او على اكثر تقدير لمن يجلس بجانبه سواء أكان مشجعا او خطيبة مثلا .
وقبل ان يتوسط السبعينات ظهر محمد جميل عبد القادر في بداية رسم ملامح كتابة جادة مع بداية رسم وتلاعب بالكلمات حتى اخذ قوس الكتابة باريها فتربع سمير جنكات على عرش الكتابة بدءا من سنة 1980 وسأترك لبضع كلمات خطتها الراي عنه وهي تودعه راحلا  مؤديا لفريضة الحج وما سيتركه من تاثير قبل البرهنة ببعض نماذج من كتابته في اول سنين الثمانيات وابدأ من يوم يوم 24 /9/1981حيث كتبت الراي حرفيا ” يغادرنا صاحب الكرويات التي اصبحت الاوسع شهرة والأكثر اثارة لدى قراء الرأي بما تتضمنه من ملامسة لأوجاعنا الكروية بصدقها وصراحتها وما تحويه من قيم ..هذه الزاوية سيفتقدها محبوها لان صاحبها سيزور الاماكن المقدسة لأداء فريضة الحج”..عاد سمير حجا بلحية ..وعادت الكلمات تصطف الى جانب بعضها البعض لتشكل علامات فارقة في تاريخ الكتابة المحلية ، لماذا ؟
أولا :
لأنه صار يكتب المباراة كقصة حب ، يختار لها في كل وصف او تحليل لمباراة زاوية لتكون بداية مختلفة ومغايرة لما سبقها او تلاها فبات كمصور حي او رسام يحشر الوانه في اطار لتعلق على الحائط .
ثانيا :
لأنه ادخل الفن والأدب على الوصف الرياضة فقد كتب ذات تحليل لمباراة الوحدات والأرثوذكسي “امسكها باسم برحمة السماء” بدل ان يكتب مثلا امسكها بالصدفة  وبعد سطور رسم ”  غسان يعزف على وتر نشاز”  فالوتر عادة مكانه لا يتغير لكن يد العازف قد تجيد تحريكه او تفسد فينشز وهذا تنويع في البلاغة بين الاستعارة المكنية وبين العلاقة الجزئية والكلية بين غسان كانسان والوتر كبعض الة ..وهكذا؟
ثالثا
لانه كان يختار ويراوح ويزاوج  بين المنطق والأدب من جهة والمعرفة والحصيلة الادبية والواقعية الحياتية ومزجها بمنطق البيولوجيا والمشاهدات الحية  كقولة في وصف مباراة الجزيرة والجيل ” رغم معاندة الريح لأشرعة الجزيرة ” وما خطه حين كتب يوم 29/10/81 عن مباراة الوحدات و”المرحوم” نادي عمان ” ما ان انطلقت صافرة الحكم حتى هب لاعبو الوحدات يهاجمون بضراوة وتحولوا الى مجموعة من الدبابير المستنفرة للدغ” وفي وصف سلبية قلبي هجوم الوحدات بالقول ” تبحث عن مظفر وغسان جمعه فلا تجدهما”
رابعا
النقد دون تجريح كقولة عن مباراة الوحدات والاهلي  ” وكان وليد قنديل قد داس فوق شاكر سلامه بعد ان اوقعه ارضا والطريف ان الالاف شاهدوا الحالة باستثناء الحكم ومراقب المباراة ” ؟؟
خامسا
روح الدعابة التي تظهر بين كثير من سطوره كوصفه “مهاجمي فريق ..بانهم اصابهم حول ” فلم يهتدوا لطريق المرمى ، بمعنى انهم لم يجيدوا التصويب أو قولة ” مباراة تعاونية أو هجمة تعاونية ” للتدليل على ضعف وهشاشة هجمة ما ؟
سادسا
التأسيس لبداية ارشفة حقيقة ” كوضعه لنتائج مباريات أي فريقين يلعبان في اسبوع ما والتذكير بما سبقها من نتائج للطرفين” .
سابعا
لانه والراي كانا من حلل وفند مفردات الاسابيع الكروية
ثامنا
لانه والرأي كانا اول من تابعا اخبار اللاعبين وتحركاتهم خارج الملعب من اجراء عمليات او دخول في القفص الذهبي فبات للاعبين مجتمعهم ولم يعودون مجرد دمى تتحرك فوق المستطيل الفني
تاسعا
لأنه والرأي كانا محايدين  بدرجة كبيرة رغم بدهية تشجيعه هو والمرحوم نظمي السعيد للأهلي والجيل الا ان كثيرا من اعطاء الحق لفرق كالوحدات والرمثا والحسين او لأشخاص لاعبين كنبيل التلي وخالد الزعبي ووليد الشقران وسهل عزاوي ومنير مصباح وابراهيم سعديه واغيرهم

عاشرا
لانه والراي كانا ينشران ما يصلهما من نقد، فبعض رسائل الجمهور كانت تتهمه والراي بعدم الحياد وتجرحهم وكانوا ينشرون الرسائل وتلك كانت اول مرة يتم فيها نشر الراي الاخر ..في الراي وغيرها من الصحف المحلية .
حادي عشر
لانه والراي كانا اول من وضع سطورا تلخص اداء اللاعبين فكتب عن نبيل التلي مثلا “تلعب وتركض كلاعب في العشرين من العمر و….”
ثاني عشر
لكل ما سبق ولكثير مما يفترض ان افند لكني وخوفا ان اتهم بالحب الجارف والتحيز فساكتفي بما ذكرت اعلاه ..ليعرف الجيل الحالي من صحفيين وجمهور ان هناك من حمل مشعلا وأضاء الطريق التي كانت مظلمة لدرجة ان المباريات كانت تنشر كل يوم ثلاثاء وليس بعد حدوثها مباشرة ، وبدون اسماء لمن سجل او مرر او حتى حرس وتوسط ودافع فتقرا المبارة كما تقرا عن قرية في جبال الانديز فلا تعرف اسماء الاشخاص ولا تابه لها وكل ما لديك ان هناك اشخاص سكنوا البيوت ؟؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.