فضل النجار*

تمتلئ ملاعب كرة السلة بالكثير من النجوم والأساطير، ففي كل عصر وزمان يعلن عن ميلاد نجم جديد يتربع على عرش قلوب محبي اللعبة، ليبدو كالبطل الذي “يُخلد” التاريخ اسمه بأحرف من ذهب.

ورغم تلك الشعبية والنجومية الكبيرة، لا يعلم كثير من المتابعين المحطات الشخصية في حياة هؤلاء النجوم، و”كأس المعاناة” التي شربوا منها خلال المباريات.

“حكاية لاعب في مباراة”.. فقرة جديدة تطل فيها “الغد” على قرائها، لسرد “كواليس” بعض الاحداث التي رافقت “ملاحم” أندية ومنتخبات كرة السلة الأردنية، بعد أن كانت دوما الرقم الصعب في المحافل العربية والآسيوية والدولية.

بطل حكايتنا الأولى، كان يتمتع بموهبة ورؤية مثالية لكافة أرجاء الملعب، لا يقبل الخسارة على الإطلاق، وعرف بـ “المقاتل”، انه فضل النجار، الذي كان من دون منازع، بطلا لمباراة منتخبنا الوطني لكرة السلة للرجال أمام منتخب كازاخستان في ربع نهائي دورة الألعاب الآسيوية “الدوحة 2006”.

بالعودة في الذاكرة إلى الوراء قليلا، تمكن المنتخب الوطني من التقدم طوال فترات المباراة على المنتخب العنيد كازاخستان، لكن في الدقائق الأخيرة تحول مسار المباراة وتقدمت كازاخستان بفارق 9 نقاط مع بقاء أقل من دقيقة على نهاية المباراة.

هنا ارتفع مستوى “الأدرينالين” عند الشارع الرياضي الأردني، وتسلل شعور الاستسلام للجميع والبعض غادر المدرجات وآخرين أغلقوا الشاشات، معتقدين أن الأمور قد حسمت للمنتخب الكازاخستاني، خاصة وأن صفوف المنتخب الوطني لم تكن مكتملة آنذاك، فلم يتم تجنيس الأميركي راشيم رايت، وتعرض “العملاق” أيمن دعيس للإصابة، وغاب التوفيق عن أنفر شاوبسوقة في “الرميات الثلاثية”، ولم يكن المدرب البرتغالي ماريو بالما قد ثبت اقدامه أو وضع بصمته على أداء المنتخب بعد.

من شاهد المباراة بأدق تفاصيلها، لن تمحى من ذاكرته الرمية الثلاثية للاعب فضل النجار، والتي قلص معها الفارق الى 5 نقاط، تبعها بـ “دهاء لا مثيل له” بانتزاع خطأ هجومي على الفريق الخصم، ثم أحرز نقطتين تبعهما برميتين حرّتين، سجل واحدة قبل أن يرتقي “العملاق” زيد الخص للم الكرة الثانية وتسجيلها في سلة المنافس، محرزا التعادل.

لحظات الإثارة التي رافقت نهاية المباراة، لم يكن أشد المتفائلين يتوقعها، حيث فرض التعادل لعب وقت اضافي، تمكن خلاله منتخبنا الوطني من الفوز بنتيجة (99-91) وبلوغ الدور نصف النهائي، في مباراة كان فيها زيد الخص أفضل مسجل برصيد 30 نقطة و11 متابعة و5 تمريرات حاسمة، يليه فضل النجار برصيد 17 نقطة و6 متابعات و4 تمريرات حاسمة.

ويقول فضل النجار عن هذه المباراة في تصريحات لـ “الغد”، أنها كانت مباراة العمر رغم الظروف الجميلة والسيئة التي رافقتها، مشيرا “لقد لعبنا بطريقة سيئة في البداية، وتسلل شعور اليأس إلى المدربين وقلت همتهم، لكننا نحن اللاعبين عزمنا على الفوز وآزرنا بعضنا، لقد كانت كلمات وسام الصوص محفزة لنا، هي مباراة مثالية للجميع، لكنها كانت خاصة جدا بالنسبة لي، حيث الفرحة الهستيرية بعد نهاية المباراة، أخمدها خبر وفاة شقيقي، لأعود مسرعا إلى عمان”، مؤكدا أن المباراة كانت درسا للجميع.

ويضيف: “أنا قتالي ومجنون على أرضية الملعب وأرفض الخسارة، دائما ما أكون من اللاعبين المحفزين لزملائهم من أجل تحقيق الفوز والقتال حتى الرمق الأخير، المدربون يشيدون بروحي القتالية وثقتي كبيرة داخل الملعب، لقد كانت مباراة كازاخستان مهمة جدا، حيث تأهلنا حينها لأول مرة إلى المربع الذهبي منذ 20 عاما”.

ويستطرد: “لم يعلم أحد بظروفنا الصعبة التي رافقت هذه المباراة، لقد ابتعدنا عن أهلنا لفترة طويلة، والتمارين كانت مرهقة جدا، لكنني أشيد بالمدربين بالما وغويمز على دورهم الكبير في تهيئة اللاعبين على الجوانب النفسية والبدنية من أجل تحقيق الفوز، أشكرهما على كل ما قدموه لي على امتداد مسيرتي الرياضية من العام 2004 إلى 2011”.

ويتابع: “كان بالما بمثابة الأب لجميع اللاعبين، لقد كان دائما ما يطلب مني الركض خارج الصالة لأنني لا اصلح للعب كرة السلة بسبب حماسي الزائد، لكنه منحني الثقة وطلب مني أن ألعب بعقلي وترجمت ذلك على أرض الملعب، كما شجعني ودفعني لتقديم أفضل ما لدي، وتلقيت فرصا للاحتراف الخارجي بعد مباراة كازاخستان، لكن وفاة شقيقي منعتني من الإقدام على هذه الخطوة”.

ويختتم: “لقد مرت كرة السلة الأردنية بظروف صعبة على الجميع، لعبت مع الأرثوذكسي وزين وكفريوبا والتطبيقية، وآخر عامين لي مع الرياضي أرامكس حققت فيها لقبين، وعدت مؤخرا للعب من بوابة الأهلي وحققت كأس الأردن والمركز الثالث ببطولة الدوري، شغفي الكبير وحبي باللعبة أرهقه كابوس الإصابات، اعتقد أن 20 عاما من لعب كرة السلة تُعد كافية بالنسبة لي، أسعى الآن إلى اقتحام عالم التدريب”.الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.