صلاح غنام*

كتب:ابو اليزيد غيث

توطدت علاقتي به كثيرا أثناء زيارة الوحدات للكويت عام ٢٠١٢ حيث جاء مع الوفد مديرا للفريق ورافقته في رحلته تلك في كافة تحركاته وجلساته التي لم تتوقف طوال ثلاثة أيام ،،، فلمست فيه عشقا كبيرا للنادي ورغبة كبيرة جدا في أن يلبي طموحات الجماهير بتحقيق لقب اسيوي كان قد طال انتظاره انذاك ، ولم يكن يعلم رحمه الله أن ذاك الحلم سيطول أكثر وأكثر حتى بعد وفاته ،،، شاهدته في معسكر الفريق يتابع كل صغيرة وكبيرة ملبيا احتياجات الجهاز الفني واللاعبين والذين كان يمزج ما بين الصرامة واللين في التعامل معهم مما جعله يحظى باحترامهم جميعا ،،، وجدته فاهما لكرة القدم بشكل مميز بل وصاحب رؤية مستقبلية تعتمد على قطاع الفئات ، يتفق معها كل من يحلم بأن يرى الوحدات فريقا كبيرا قادرا على مقارعة كبار الأندية الأسيوية ،،، كان حزينا في تلك الزيارة لأن الفريق قادم من عمان مثقلا بعتاب الجماهير بسبب سوء أداء الفريق تحت قيادة برانكو المقال ” إن لم تخني الذاكرة ” فضلا عن تأثر اللاعبين نفسيا في تلك الأوضاع ولكني شهدته يتحدث الى اكثر من لاعب بطريقة لا تظهر مشاعره السلبية بل كان يؤكد لهم أن الوحدات نادي كبير وقادم مع مدرب جديد صاحب تاريخ مميز مع الوحدات ، ويقصد الكابتن محمد عمر ، بل قال لهم حرفيا ” ستلعبون أمام فريق لقنتوه درسا في الموسم الماضي في نفس الملعب وأنتم لها بإذن الله فالوحدات لا يلعب الا للفوز مهما كانت الظروف ” ،،، لم يهدأ لحظة طوال فترة المعسكر بل كان دائم المتابعة لللاعبين الشاب قبل النجم و البديل قبل الأساسي حتى أنه طلب مني أن نتتبع اللاعبين مالك البرغوثي وابو حلاوة لأنه شعر بعدم ارتياحهما بعد انتهاء المباراة فأراد إلا أن يتحدث إليهما ،،، وفعلا لحقنا بهم وتحدث إليهم لساعة كاملة بطريقة ولا أروع مؤكدا لهم أن الظروف ستتغير مع الكابتن محمد عمر وأن من يرتدي كلر الوحدات لا بد وأن يقدر قيمته ويقاتل من أجل اللعب كأساسي لأن الوحدات هو مفتاح الشهرة والاحتراف وقد خرجت من تلك الجلسة بقناعة مفادها أن مدير الفريق لا بد وأن يكون لبقا ومثقفا وعلى دراية بكرة القدم ودهاليزها وصاحب شخصية قوية ولديه قدرة على الإقناع مثلما لديه من الصرامة ما يسمح له بوضع حد للاعببين المستهترين ،،، وهنا لا أزال أتذكر حادثة سابقة لتلك الفترة جرت أمامي في أروقة النادي حيث كنت أجلس معه وبعض الأخوة فإذا بلاعب شاب أهوج ، كانت تثار حول سلوكياته العديد من علامات التعجب ، يمر من امامنا ، فنادى عليه وعاتبه لكونه تغيب عن التمرين ، أو هدد بالتغيب ، ليأتي رد اللاعب بطريقة فيها من الاستهتار ما استفزه ودفعه لتعنيفه بقوة حيث قال له ” نادي الوحدات أكبر من أن يلعب له لاعب بهذه الأخلاق والعنتريات ” وأقسم لللاعب بأنه لن يدخل ملعبا ما لم يغير من سلوكياته ، فما كان من اللاعب إلا أن قدم اعتذاره للمرحوم بضغط من الشباب المتواجدين في النادي ، والتزم اللاعب لاحقا لفترة لا بأس لها قبل أن تتسبب سلوكياته الخارجة في حياته اليومية وعدم التزامه بالتعليمات بخروجه من الفريق وطمس موهبته في وقت مبكر ،،،

ذلك هو المرحوم بإذن الله صلاح غنام ، ابن قرية بيت محسير ، والذي ورث عشق نادي الوحدات في طفولته من والده المرحوم عمر غنام ، وهو مراقب سابق لنادي الوحدات ،،، وتعلق صلاح بالنادي أكثر على يد المرحوم سليم حمدان الذي وجد فيه تلميذا نجيبا قادرا على خلافته ، فأخذ بيده منذ تأسيس جريدة الوحدات عام ١٩٩٦ حيث عمل غنام كسكرتير لجريدة الوحدات منذ عددها الأول قبل أن ينتقل للعمل في جريدة العرب اليوم حيث كان أحد مؤسسي القسم الرياضي فيها ومنها الى صحيفة الغد حيث شارك في تأسيس ” قسم التحدي ” فيها ،،، وطوال السنين التي قضاها في العمل في جريدة الوحدات وصحيفتي العرب اليوم والغد ظل المرحوم وفيا للقلعة الخضراء ولطالما تملك الجرأة للدفاع عن النادي بكل قوة في وجه من يحاولون النيل منه ولكن ذلك لم يمنعه من كسب ود واحترام خصومه قبل زملائه لأنه كان صادقا في تعامله ومخلصا لمكان عمله ولناديه ولوطنه وهنا تحضرني أيضا قصة للمرحوم شاهدتها عبر الشاشة وتحديدا في برنامج ” المجلس” الذي يبث على قناة الكاس ويستضيف مقدمه خالد جاسم مجموعة من اللاعبين والاعلاميين والنقاد العرب كلٍ يمثل بلده في المناقشات التي تدور حول بطولة عربية واسيوية ،،، فقد حدث أن استهزأ اعلامي ” عُماني إن لم تخني الذاكرة ” بالكرة الأردنية أو بشيء ما متعلق بمنتخبنا الوطني وهنا جن جنون الراحل ورد على ذلك الاعلامي بكلام قوي ولكن بأسلوب مؤدب جعل غالبية المشاركين يسجلون احترامهم لغنام في كيفية لجم من يحاول الانتقاص من منتخب بلاده ،،،

وبعد أن فُجعنا بوفاة المعلم و الأب الروحي لنادي الوحدات الراحل سليم حمدان بتاريخ ٢٠١٢/١٠/٢٥ عادت الحسرة وسكنت قلوب الوحداتيين من جديد إذ لم يصمد التلميذ والابن المخلص له صلاح غنام سوى أشهر قليلة ليرحل إلى دار الحق هو الاخر بعد حادث تدهور لباص كان يقل المرحوم وزميلا له على طريق الحسا وذلك بتاريخ ٢٠١٣/٥/٦ وهو الخبر الذي نزل علينا كالصاعقة عندما أخبرنا به الأخ جهاد نجم الذي كان في زيارة للكويت يومها وتلقى اتصالا مفاجئا تسبب بتغير ملامحه ولينقل الخبر لي و لكل من يشاركنا الجلسة بكل حسرة وألم ولنشعر جميعا بصدمة ما بعدها صدمة في ذلك اليوم الأليم ،،،

رحم الله الأخ والصديق أبا الوليد وأسكنه فسيح جناته ،،،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.