خالد سليم *

كتب :ابو اليزيد غيث

شكل علامة فارقة في تاريخ نادي الوحدات ،،، وفاز مع الأخضر بالعديد من البطولات ،،، وارتدى شارة القيادة في النادي والمنتخب لسنوات ،،، وحظي بشعبية هي الأكبر في الثمانينيات ،،، وكثيرا ما انتزع من الجماهير الآهات ،،،

كان النجم الأبرز لحيويته وتسديداته وفنياته ،،، وكان دوري ” الثمانين ” أغلى ألقابه ،،، وصاروخه في مرمى ” شاهر سيف ” أجمل أهدافه ،،، ” المايسترو والفاسوخة و كابتن الكباتن ” جميعها ألقابه ،،، كان عصبيا وإن ظل مثالا في قوة شخصيته وهيبته ،،،

زملاؤه في النادي والمنتخب احترموه ،،، وبالخير والحب كثيرا ما ذكروه ،،، ومدربوه على عبقريته امتدحوه ،،، والجمهور في يوم وداعه لم ينسوه ،،، وبحضور سبعة عشر ألف منهم كرموه ،،،

ذلك هو الكابتن خالد سليم ، المولود في عام ١٩٥٦ ، والذي بدأ مشواره في الحواري و المدارس كاشفا عن موهبته في لعبتي تنس الطاولة وكرة القدم على حد سواء قبل أن يصطحبه الأستاذ عادل صالح الى نادي الجزيرة عام ١٩٧١ كلاعب كرة قدم ، فلعب مع الشياطين الحمر لفئة تحت سن ١٧ سنة ومثل المنتخب الوطني في تلك الفئة رفقة الراحل جلال قنديل وشكلا معا ثنائيا مميزا مكنهما من تسجيل العديد من الاهداف لمنتخبنا ،،، ثم تم ترفيعه للفريق الأول في نادي الجزيرة عام ١٩٧٤ تحت قيادة المدرب الراحل الدكتور بسام هارون إلا أن الفريق كان يضم حينها جيلا مميزا من اللاعبين يصعب على لاعب شاب أن ياخذ فرصته معهم مما جعل خالد سليم يفكر بالرحيل في لمحة تنم عن ذكاء شديد ،،، وفي تلك الأثناء كان الراحل سليم حمدان دائم البحث عن لاعبين شباب يعزز بهم قوة الوحدات بهدف الصعود بالفريق الى الدرجة الأولى فبذل ما بوسعه لاستقدام خالد سليم تحديدا إلا أن الراحل بسام هارون كان رافضا لفكرة الاستغناء عن خالد ،،، وعندها استغل الطرفان سفر هارون لإكمال دراسته في الخارج وأتما عملية انتقال خالد سليم إلى صفوف الوحدات بعد أن صوت ستة من أعضاء مجلس إدارة الجزيرة على الصفقة مقابل معارضة الخمسة المتبقين ،،،

ومن محاسن الصدف أن تكون أول مباراة ل” الفاسوخة ” مع الوحدات هي المباراة الفاصلة من أجل الصعود للدرجة الأولى لأول مرة في تاريخ النادي وقد كان قد خالد عند حسن ظن الجميع بحيث ساعد الفريق على الفوز والتأهل ،،، ومن ثم شارك مع الفريق في موسم ١٩٧٦ لكن الفريق هبط وعاد الى الدرجة الثانية من جديد بسبب عدم قدرته على المنافسة في ظل تقدم غالبية لاعبي الفريق بالسن فضلا عن قوة الأندية المنافسة ،،، ليتم إثر ذلك غربلة صفوف الفريق بحيث تم تحرير بعض اللاعبين الكبار وتم الزج بجيل شاب استطاعوا مساعدة الفريق على العودة للأضواء في موسم ١٩٧٨ وحققوا خلاله المركز الرابع ومن ثم واصلوا تألقهم ليحقق الفريق المركز الثالث في موسم ١٩٧٩ وصولا الى تحقيق اللقب الأول والاغلى في تاريخ النادي ألا وهو بطولة الدوري ١٩٨٠ وقد كان المايسترو خالد سليم أبرز أوراق الفريق في ذلك الموسم حيث سجل خلاله سبعة أهداف لعل أهمها هدفه في مرمى الحسين اربد في المباراة ” المعادة ” وهي التي حسمت لنا اللقب فضلا عن هدف ثامن سجله في المباراة الاستعراضية ،،،

ومع اضطرار الكابتن الراحل جلال قنديل الى اعتزال الكرة انتقلت شارة القيادة للكابتن ماجد البسيوني إلا أن الوحدات كان يمر انذاك بمرحلة مفصلية تحتاج الى قائد من نوع خاص صاحب قدرة كبيرة على ضبط الأمور داخل وخارج أرض الملعب ،،، وهنا اضطر المدرب الراحل عزت حمزة الى منح شارة القيادة للكابتن خالد سليم كونه صاحب كاريزما خاصة جعلته صاحب أقوى شخصية عرفتها الملاعب الأردنية والأهم من ذلك أن الاسكتلندي داني ماكلنين مدرب منتخبنا الوطني بداية الثمانينيات كان قد منح خالد شارة القيادة في المنتخب عندما لعب منتخبنا أمام العراق في عمان اواخر عام ١٩٨٠ رغم أن عمره لم يكن يتجاوز الرابعة والعشرين وفي ظل وجود عتاولة من اللاعبين انذاك ،،،

وبكل أمانة نقول من كان يراقب الكابتن خالد سليم في الملعب ويدرك قيمته الفنية والمعنوية مع النادي والمنتخب كان يؤمن بأن شارة القيادة خلقت ليحملها الكابتن خالد ومن هم بمواصفاته وهنا نذكر بأن حمله لشارة القيادة في النادي والمنتخب لسنوات جعل جماهيرنا في المدرجات تتغنى بالهتاف الشهير له ” كابتن الكباتن خالد سليم ” ،،، ولا شك أنه كان يتمتع بهالة قل نظيرها في الملاعب وإن كانت عصبيته الزائدة عن حدها تسببت بخوف صغار اللاعبين والشباب من اللعب إلى جانبه إلا أن ذلك من باب الحرص عليهم وجلهم يشهدون بدعمه لهم عندما التحقوا بالفريق ،،، مثلما كان يحسب كبار اللاعبين لقائدهم ألف حساب وذات الأمر ينطبق على المدربين والاداريين وحتى الحكام ،،، فالجميع كان يهابه بدءا باللاعب المنافس ومرورا بالحكم وانتهاء بمن يلعب تحت قيادته ،،، ومن هنا جاءت الهيبة التي كان يتمتع بها حتى بين الجماهير والتي كانت تمني النفس برؤيته أو حتى التقاط صورة معه ،،، وهنا أتذكر أنه ذات يوم دخل الصالون القريب من النادي من أجل قص شعره فكنت ومجموعة من الصغار وحتى الشباب نختلس النظرات اليه في مشهد ظل عالقا في ذهني حتى اللحظة ، ولا عجب كونه صاحب شعبية جارفة لم يكن يباريها أحد انذاك ،،،

وحتى على المستوى الفني كان ” الفاسوخة ” دائما محط اعجاب مدربيه وبخاصة أصحاب الفضل الأكبر عليه المصري الراحل فتحي كشك في الوحدات والأسكتلندي داني ماكلنين في المنتخب ،،، فقد كان خالد يسبق أقرانه بحسن قيادته لخط الوسط من خلال تمتعه بمهارات رائعة وقدرة كبيرة على كتم الكرة بالقدمين والصدر بل وحتى بالرأس ، والحركة الأخيرة كان ينفرد بها عن سائر لاعبي الأردن . مثلما كان صاحب جهد بدني وافر يمكنه من القيام بواجبيه الدفاعي والهجومي على أكمل وجه كما كان يتمتع بفنيات عالية ورؤية واسعة مكنته من قيادة ألعاب الفريق بكل حرفنة ،،، والأهم من ذلك كله قدرته على التسديد القوي والمحكم من مسافات بعيدة وبكلتا قدميه ولعل هدفيه في مرمى الحسين اربد في المباراتين المعادة والاستعراضية هو أكبر دليل على ذلك ،،، فالأول جاء من تسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء استقرت في أعلى الزاوية لمرمى الحسين اربد والذي كان يحرسه السوري ” شاهر سيف ” الذي استقدمه الحسين خصيصا على أمل مساعدتهم على تحقيق الفوز على الوحدات في المباراة المعادة ،،، والثاني جاء في المباراة الاستعراضية وتحت أنظار الملك حسين ، رحمه الله ، حيث سدد الفاسوخة قذيفة متوسط الارتفاع من خارج منطقة الجزاء عجز الحارس عن صدها وسط فرحة جارفة من قبل أكثر من ٣٠ ألف متفرج احتشدوا للاحتفال باللقب الأغلى ،،،

وقاد ” الفاسوخة ” ، الذي اعتاد أن يرتدي رقم 5 مع الوحدات و 10 مع المنتخب ، كتيبة المارد الأخضر لستة مواسم بين ١٩٨٢ و١٩٨٧ وحقق مع الفريق عددا من البطولات الرسمية تمثلت ببطولتي دوري ١٩٨٠ و١٩٨٧ وبطولتي كأس ١٩٨٢ و١٩٨٥ وبطولتي درع ١٩٨٢ و١٩٨٣ ،،، ورغم أنه كان يلعب في وسط الملعب إلا أنه ظل هداف الفريق الأول في بطولة الدوري برصيد فاق الثلاثين هدفا طوال الثمانينيات إلى أن تقدم عليه الكابتن جهاد عبد المنعم مطلع التسعينيات ،،، وفي المقابل فإنه شارك في صفوف منتخبنا الأول عام ١٩٧٩ ليكون أول وحداتي يحظى بهذا الشرف مثلما كان أول لاعب وحداتي يسجل هدفا لحساب منتخبنا الوطني وظل يلعب لمنتخبنا حتى نهاية موسم ١٩٨٥ وكان خط وسط منتخبنا حينها يضم الى جانب خالد سليم لاعبين غاية في المهارة والذكاء الميداني أمثال باسم مراد وابراهيم سعدية وحسين ابو غثيث وراتب الداوود وناجح ذيابات ،،، فهؤلاء النجوم يفوقوا نجوم اليوم كثيرا في مختلف الجوانب ولكنهم لم يستطيعوا قيادة المنتخب لتحقيق أي من الانجازات بسبب قلة الدعم والاهتمام في ذلك الوقت ،،،

ومن دلائل الشخصية القيادية للكابتن خالد سليم أنه قام بصياغة اللائحة الداخلية للفريق مصنفا اللاعبين إلى فئات من أجل انصافهم كما عمل على رفع أجور التدريب للاعبين وكان دائم الاصطدام مع الإداريين في النادي والمنتخب لإصراره على تحصيل حقوق اللاعبين وضرورة تقدير جهودهم ،،، وقد ظلت اللائحة الداخلية ، التي أوجدها خالد سليم ، معمول بها في نادي الوحدات لأكثر من ربع قرن وتحديدا منذ بداية الثمانينيات حتى تطبيق الاحتراف مطلع موسم ٢٠٠٨/٢٠٠٧ ،،، كما كان ل” كابتن الكباتن ” تجربة إدارية مطلع الألفية الجديدة حيث نجح في الانتخابات ولكنه سرعان ما قدم استقالته لعدم تناغم الفريق الإداري مع طموحاته ورغبته في تطوير كرة القدم في النادي وإن كان يحسب له انشاء المدرسة الكروية في النادي وأشرف على بدايتها بمعية الكابتن ناصر حسان الذي كان مسؤولا عن الامور الفنية فيها ،،،

من الذكريات الطريفة للكابتن خالد سليم أنه تصادم مع المدرب اليوغسلافي فويا على هامش مباراة الوحدات والحسين اربد في موسم ١٩٨٦ عندما دفع الأخير بمدافع عائد من الاصابة بعد طول غياب مما تسبب بوجود ثغرة في منطقة العمق الدفاعي خسرنا على اثرها بهدف مقابل لا شيء في المباراة التي أقيمت في اربد واستشاط خالد سليم غضبا أثناء وبعد تلك المباراة واصطدم مع المدرب في مشاهد لم نكن نحبها ولكن غيرة الكابتن خالد على الفريق هي من كانت تدفعه لمثل تلك التصرفات ،،،

وبعد فوز الوحدات بلقب دوري ١٩٨٧ الذي أبدع فيه خالد سليم إلى جانب ابراهيم سعدية في قيادة خط وسط الفريق ، أعلن ” الفاسوخة ” اعتزال اللعب نهائيا في قرار يدلل على ذكائه تماما كما كان ذكيا عندما أصر على الانتقال من الجزيرة الى الوحدات في بداية مشواره وبخاصة أن كان قد شعر بغصة كبيرة كون بعض الجماهير لم تقدر عطاء رفيقه الكابتن عمر سلامة في موسم سابق وراحت تهاجمه مما أثر في نفس ” كابتن الكباتن ” وجعله يتخذ القرار الصعب رغم أنه كان قادرا على استغلال خبرته لإفادة الفريق لموسمين اخرين ،،،
فكان أن ودع “الفاسوخة” الملاعب بعد ثلاثة عشر عاما من العطاء المتواصل ( 1975 – 1988 )و أقيم له مهرجان اعتزال هو الأكثر نجاحا في تاريخ الكرة الأردنية ، حيث أقيمت مباراة تكريمية ل ” كابتن الكباتن ” جمعت الوحدات بفريق من النجوم العرب ضم نخبة من من ألمع النجوم آنذاك يتقدمهم النجم الأشهر عربيا محمود الخطيب ومعه مجدي عبد الغني وزكريا ناصف ومحمد عمر من مصر الشقيقة وكذلك ناظم شاكر من العراق ونعيم سعد من الكويت وفيصل أحمد والشعار من سوريا مثلما شارك في تكريمه أشهر نجوم الكرة المحلية انذاك أمثال نبيل التلي (الجزيرة) وإبراهيم مصطفى وميلاد عباسي ( الفيصلي ) والمرحوم خالد الزعبي ( الرمثا ) وعلي بلال ( الأهلي ) وفواز ابراهيم ( الأرثوذكسي ) وغيرهم من النجوم وقد سلم الفاسوخة قميصه الى اللاعب الأنيق ناصر الحوراني ،،، واستمتع بتلك المباراة الشيقة أكثر من سبعة عشر ألف متفرج قدموا إلى ستاد عمان الدولي لوداع نجمهم المحبوب خالد سليم ، الكابتن الذي عز على شارة القيادة فراق ذراعه ،،،

#خالد_سليم

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‎Khaled Saleem‎‏‏، ‏‏نظارة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏١٠‏ أشخاص‏، ‏‏‏أشخاص يلعبون رياضة‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٤‏ أشخاص‏، ‏‏‏أشخاص يقفون‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٢‏ شخصان‏، ‏‏أشخاص يلعبون رياضة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏٦‏ أشخاص‏
+‏٨‏
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.