غسان جمعه*

كتب:ابو اليزيد غيث

يوم أن كان اللاعبون يقفون في نفق اللاعبين كان أول من تتعرف عليه الجماهير بسبب بشرته السمراء والتي باتت لاحقا سبب شهرته في كافة أنحاء المملكة وليس بين جماهير نادي الوحدات فحسب ،،، غادر فلسطين للكويت ومنها رحل للاردن بهدف التعاقد مع نادي البقعة إلا أن الراحل سليم حمدان ، رحمه الله ، استقطبه للوحدات ،،، جاءت بدايته عاصفة مع الأخضر فما أن أنهى موسمه الأول مع الفريق ، ١٩٧٨ ، حتى تم شطبه من سجلات الاتحاد إثر مشاجرة حدثت في مباراة اعتزال الكابتن نصر قنديل بداية موسم ١٩٧٩ وسنأتي على ذكر تفاصيلها لاحقا ،،، فغاب عن موسم ١٩٧٩ كاملا قبل أن يأمر جلالة الملك حسين ، رحمه الله ، برفع عقوبة الشطب عنه بعد مناشدات متواصلة من جماهير الوحدات كان اخرها استقبال الملك الراحل في المطار بيافطة تناشده برفع عقوبة ” الغزال الأسمر ” ،،، فعاد في موسم ١٩٨٠ متوهجا وساهم مع زملائه في كتابة السطر الأول من كتاب المجد والبطولات للمارد الأخضر ،،، فما كان ينزل أرض الملعب إلا ويدب الرعب في قلوب منافسيه بسبب سرعته و حركته الدؤوبة وقتاليته على الكرة وقدراته المميزة في ألعاب الهواء والتسديد القوي بكلتا قدميه ،،، ساهم بأهدافه الستة في موسم ١٩٨٠ بتتويج الأخضر بأهم ألقابه عبر تاريخه وكان أهم تلك الأهداف ذلك الذي سجله في ملعب بلدية اربد الترابي في مرمى الحارس الرمثاوي غازي الياسين في ذهاب الدوري وذلك بقذيفة ولا أروع من مسافة بعيدة جدا جيرت للوحدات أهم نقطتين في ذلك الدوري كون الرمثا كان الفريق الأكثر شراسة ومنافسة للوحدات بدليل أن خسارة الوحدات الوحيدة في ذلك الدوري جاءت أمام الرمثا إيابا في عمان وبثلاثية مقابل هدف وكان صاحب ذلك الهدف ” الغزال الأسمر ” نفسه ، كما أن نفس تشكيلة الرمثا التي لعبت ذلك الموسم استطاعت الفوز بلقب الدوري للموسمين التاليين ١٩٨١ و١٩٨٢ ،،،

ذاك هو الكابتن غسان جمعة ، ابن طولكرم ، الذي لعب في نادي العودة في الكويت ومثل منتخب فلسطين قبل أن يلتحق بالاخضر ويساهم بفوزه بالعديد من البطولات في الفترة ما بين ١٩٨٠ و١٩٨٦ ،،، ففضلا عن دوره الهام بالفوز بدوري ١٩٨٠ التاريخي ساعد الغزال الأسمر الفريق للفوز بلقب كأس الأردن ١٩٨٢ عندما سدد رأسية ولا أروع في مرمى الأهلي ليحسم به نهائي البطولة وذات الأمر كرره أمام نادي الرمثا في نهائي درع الاتحاد إن لم تخني الذاكرة ،،، كما مثل الكابتن غسان جمعة منتخبنا الوطني في النصف الأول من الثمانينيات وكان عنصرا مؤثرا فيه كلما منحت له الفرصة وهذا ما فعله في ستاد عمان أمام المنتخب الكوري الجنوبي في مباراة ودية أقيمت عام ١٩٨٥ حينما شارك كبديل في الشوط الثاني وسرعان ما استقبل عرضية متقنة على صدره ومن ثم قذفها بيمينه عالطاير بكل قوة لتستقر في المقص هدفا ولا أروع محققا التعادل لمنتخبنا الوطني في تلك المباراة ،،، ومن سوء حظ الغزال الأسمر أنه تعرض لإصابة بليغة في موسم ١٩٨٦ اضطر على اثرها للسفر الى يوغسلافيا لتلقي العلاج وبدعم من الكابتن الراحل مظهر السعيد ، رحمه الله ، والذي كان قد درب الوحدات في اواسط الثمانينيات ، وعاد غسان ليجد مدرب الوحدات انذاك الكابتن محمد مصطفى وقد نسب بتحريره بحجة أنه غير قادر على تقديم المزيد فاضطر الكابتن غسان أن يكمل مشواره مع نادي النصر لفترة قصيرة رفقة أصدقائه طيبي الذكر فواز وجمال ابراهيم قبل أن يعلن اعتزاله الرسمي للكرة ،،، وما يلفت النظر أن الكابتن غسان انتظر قرابة خمسة عشر عاما قبل أن يقيم مهرجان اعتزاله أمام نادي البقعة في بداية الألفية الجديدة وبحضور عدد قليل جدا من الجماهير وبمشاركة فئة تحت سن ٢٠ من الفريقين حيث كان الوحدات قد سافر في معسكر خارجي ليرد البقعة بالمثل ،،، ولعل أكثر ما يؤلم الغزال الأسمر أن ينتهي به الأمر للعمل كسائق على حافلة نادي شباب الأردن من أجل أن يؤمن قوت عياله في موقف سيسجل ضد كافة مجالس الإدارة التي شهدت الأمر ولم تتدخل ،،، فمن العيب بحق النادي ألا يستطيع تأمين وظيفة أفضل للاعب خدم النادي لسنوات كان خلالها أكثر من يتصبب عرقا بسبب مجهوده الوافر وانتمائه اللامحدود ،،، فمسألة تأمين وظيفة للاعب بحجم غسان جمعة حتى ولو في شركة خاصة يفترض أنه بالأمر اليسير على نادي بحجم الوحدات وعلاقاته مع القطاع الخاص ،،،

من الذكريات الأليمة التي تختزنها ذاكرتي للكابتن غسان جمعة ما حدث معه في أول مباراة أحضرها للوحدات في الملعب وكانت في بداية موسم ١٩٧٩ في اعتزال الكابتن نصر قنديل ،،، حيث تعامل المدافع الفيصلاوي جميل عبد الكريم ، صاحب الطول الفارع والذي كان يعرف عنه تدخلاته الخشنة ضد المنافسين ، بقسوة مع أحد لاعبينا الشباب وأظنه وليد خاص مما اضطر غسان جمعة للتدخل وكان حينها على درجة من العصبية والاندفاع جعلته ينهال على ذلك اللاعب بسيل من اللكمات ليتم على إثرها شطب غسان جمعة من سجلات الاتحاد كما ذكرنا أعلاه ،،، وفي حادثة أخرى جرت في ستاد عمان بداية موسم ١٩٨١ وتحديدا في مباراة نهائي درع الاتحاد أمام الجزيرة ، وهي المباراة التي حضرها في الملعب قرابة ٣٥ ألف متفرج فضلا عن ما لا يقل عن ١٥ الف متفرج اكتظت بهم ساحات ستاد عمان واضطروا للعودة للبيت وحضورها على الشاشة ،،، فتلك المباراة انتهت بتعادل الفريقين بهدف لهدف حيث سجل فراس القاضي للجزيرة والمرحوم جلال قنديل للوحدات ،،، وعندما احتكم الفريقان لركلات الترجيح ظل لاعبو الفريقين يتبادلون التسجيل حتى ركلة الكابتن غسان جمعة وكانت ربما التاسعة او العاشرة وعندها عاد غسان للخلف مسافة طويلة حتى انه اقترب من دائرة المنتصف وظنت جماهيرنا المحتشدة أن غسان ” سيخزق ” المرمى من قوة تسديدته وهو المعروف عنه ذلك إلا أن الغزال الأسمر كان غزالا في ركضته نحو الكرة فقط حيث سدد كرة أرضية بحنية كبيرة ارتمى عليها حارس الجزيرة فارع الطول أكرم داوود والتقطها بكل سهولة لتشعر جماهيرنا بالصدمة ليس بسبب ضياع اللقب أو لإضاعته الركلة بل على الطريقة التي سدد بها غسان الكرة في ظل أهميتها والعدد الجماهيري غير المسبوق في ملعب المباراة ،،،

وفي النهاية نقول نحن على قناعة تامة بأن غالبية اللاعبين لا يفضلون الاعتزال ويرون في أنفسهم القدرة على العطاء لأطول فترة ممكنة ،،، وقد يكون الكابتن غسان جمعة أحد هؤلاء حتى قيل أن الإدارة كانت ستعد له مهرجان اعتزال مميز عندما تم مفاتحته بالأمر في موسم ١٩٨٦ إلا أن إصراره على مواصلة المشوار حرمه من فرصة مثالية لاقامته فاضطر أن يمكث لسنوات قبل أن يقيمه في عام ٢٠٠٢ وهو الأمر الذي يعني استحالة نجاحه لأسباب نعرفها جميعا ،، ومع ذلك نقول كان من المفروض أن تتدخل إدارة النادي في انجاح مهرجان الاعتزال أو أن تؤمن للاعب فرصة عمل على الأقل تغنيه عن العمل كسائق لنادي منافس مع كامل احترامنا لنادي شباب الأردن الذي يحسب له توفير فرصة عمل للاعب خدم الكرة الأردنية وكان أحد نجومها ،،،

ملاحظة ،،،
غالبية الصور مقتبسة من أرشيف الوحدات نت والشكر الموصول للقائمين عليه ولكل من كان له دور في توفير هذا الارشيف الرائع ،،، كما أشكر الأخ العزيز محمد الجمزاوي الذي دائما ما يثري هذه السلسلة من ” هكذا عرفناه ” بصور من أرشيفه الخاص ،،،

#غسان_جمعة

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٨‏ أشخاص‏، ‏‏أشخاص يقفون‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏٣‏ أشخاص‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٧‏ أشخاص‏، ‏‏‏أشخاص يقفون‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏أشخاص يلعبون رياضة‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.